التخطي إلى المحتوى

انطلقت بفندق انتر ستي مسقط اليوم أعمال المؤتمر الدولي الرابع: “الاتّصال والإعلام وثورة الذّكاء الاصطناعي .. الحاضر والمستقبل” الذي ينظمه قسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس ولمدة ثلاثة أيام بمشاركة أكثر من 70 متحدثًا وباحثًا محليًا ودوليًا، يقدمون أكثر من 60 ورقة علمية، تحت رعاية معالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام.

وقال معالي الدكتور وزيرُ الإعلام راعي المناسبة: “إن الذكاء الاصطناعي يؤثر في تغيير جوانب متعددة من الحياة خاصة في المجالات الإبداعية وصناعة المحتوى، وسيعمل في مجال الإعلام على تغيرات ضخمة لها شقان إيجابي، وآخر يبدو في الفترة الحالية سلبيًّّا مثل التغيير في الوظائف الإعلامية، وإنتاج المحتوى الإعلامي ومخاطر التضليل الإعلامي، أما الآفاق الإيجابية فسيعمل الذكاء الاصطناعي على إيجاد وظائف جديدة، ويساعد المؤسسات الإعلامية على قراءة توجهات الجمهور باستغلال تقنياته لقراءتها البيانات الضخمة في عملية إنتاج المحتوى الإعلامي، بالإضافة إلى جوانب تخصيص المحتوى الإعلامي لكل فرد. وسوف يجد من الإعلام بمختلف أشكاله ما يناسبه، وما يحقق له مراده وتوجهاته.

ووضّح معاليه في تصريح صحفي أن هذا المؤتمر يتزامن مع أمرين مهمين هما الاحتفال في سلطنة عُمان بمرور 50 عامًا على بدء بث تلفزيون سلطنة عُمان الذي بدأ في الـ 17 من نوفمبر 1974م، وصدور قانون الإعلام العُماني كونه ينظم العمل الإعلامي، ويوازن بين الحريات والحقوق وبين المسؤوليات.

وقال المكرم البروفيسور عبدالله بن خميس الكندي، رئيس اللجنة التحضيرية: المؤتمر يسلط الضوء على قضية تزداد أهمية يومًا بعد آخر، إذ تقود الثورة الرقمية الإعلام إلى آفاق جديدة، يضطلع فيها الذكاء الاصطناعي بدور مركزي وأساسي، ولقد أصبح من الثابت اليوم بعد سلسلة من التجارب لتطوير التطبيقات المختلفة إمكانية توظيف الذكاء الاصطناعي في العمل الإعلامي في مجالات متعددة مثل: تحسين سرعة ودقة إنتاج الأخبار، وتحليل البيانات الضخمة وفهم اتجاهاتها العامة والتخصيص الذكي للمحتوى والتصحيح الآلي، وتدقيق المحتوى، وكشف الأخبار الكاذبة والتزييف العميق، وتحليل مشاعر الجمهور وغيرها من الاستخدامات.

وأشار إلى أن بعض المؤشرات توضح تطور استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي وزيادة اتجاهات توظيفه وتبنيه في المؤسسات الإعلامية حول العالم، إذ تشير بعض التقارير والمسوحات والدراسات إلى تطور حجم سوق هذه التطبيقات في قطاع الإعلام من عشرة مليارات دولار أمريكي في عام 2022 إلى ما يزيد على ثلاثين مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، كما تؤكد بعض المؤشرات إلى تطور استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تخصيص المحتوى لنحو 80% من المستخدمين على منصات التواصل الاجتماعي، وتوجه نحو 70% من المؤسسات الإعلامية العالمية إلى زيادة الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتحليل تفاعل الجمهور على منصات التواصل الاجتماعي، وتحسين سرعة إنتاج المحتوى بنسبة تزيد على 50% في المؤسسات الإعلامية التي تعتمد تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومن المؤشرات المبهجة ربما مقابل القلق المستمر من فقدان المزيد من الوظائف في عصر الذكاء الاصطناعي توجه أكثر من 45% من المؤسسات الإعلامية حول العالم إلى توظيف مختصين في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات خلال السنوات المقبلة، مشيرًا إلى أن كل الإيجابيات والمؤشرات الدالة على أهمية تطبيقات الذكاء الاصطناعي وسرعة تغلغلها وانتشارها في مجالات العمل الإعلامي لا ينبغي أن تمنعنا من ضرورة البحث في الوجه أو الوجوه الأخرى من ثورة الذكاء الاصطناعي التي يتمكن فيها التحيز الخوارزمي من تقديم رؤية منحازة وغير عادلة عن بعض القضايا والمجموعات، ويصبح من السهل أيضًا انتشار الأخبار الكاذبة والمضللة وتتضاعف إشكالية تهديد الخصوصية بشكل غير مسبوق إلى جانب مخاطر أخرى تتعلق بإضعاف التفكير النقدي وتآكل أخلاقيات العمل الصحفي، فتطغى فكرة كم الإنتاج ومردوده المادي على القيم الصحفية وإضعاف اللمسة الإنسانية والإبداعية في العمل الصحفي مقابل التركيز الكبير على البيانات والنماذج، وأخيرا خطر نتحدث عنه جميعًا بشكل كبير ومتكرر يتعلق بفقدان الوظائف الذي أعده شخصيًا أقل المخاطر مقارنة بما سبق.

وأوضح أن الاهتمام بالذكاء الاصطناعي يتزايد وأدواته والمبادرات المتعلقة به، وترتفع الأصوات والمجادلات حول السياسات والأطر المنظمة لتوظيفه والاستفادة منه في مختلف المجالات ومنها المجال الاتصالي والإعلامي الذي نخصص له هذا المؤتمر منصة لنا جميعًا لتداول أفكار وتصورات وتجارب يقدمها أكثر من 70 باحثًا يعرضون قرابة 60 ورقة علمية.

التقنيات التوليدية

وقدمت المتحدثة الرئيسة للمؤتمر البروفيسورة أليكساندرا نيكول، أستاذ مساعد بجامعة معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا في أستراليا ورقة عمل بعنوان “كيف يغير الذكاء الاصطناعي صناعة الإعلام”، وأشارت إلى ما شهده هذا العام من نمو هائل في تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي داخل صناعة الأخبار وفي الجامعات التي تسهل إنشاء النصوص والصور والأعمال الفنية وما يتصل بالصوت والفيديو وغيرها من الوسائط، موضحة أن المصطلحات المستخدمة للتقنيات التوليدية للذكاء الاصطناعي متنوعة ومتطورة في المقابل وتُستخدم بشكل غير متسق، وذهبت من خلال ورقتها لتناول تقنيات تتجاوز المصطلحات المتعارف عليها مثل: دردشة جي بي تي لشركة “أوين آيه آي” ومتصفح براد التابع لشركة “جوجل” و “كو بايلوت” التابع لشركة مايكروسوفت.

وذكرت أن هناك دراسة قامت بها كلية لندن للاقتصاد أن 85 من العاملين في غرف الأخبار جربوا الذكاء الاصطناعي التوليدي، وكان أكبر استخدام للذكاء الاصطناعي في إنتاج الأخبار، يليه التوزيع ثم جمع الأخبار، وذهبت في سياق ورقتها للكشف عن التحديات التقنية والمالية في مجال الذكاء الاصطناعي بالأخلاقية والثقافية والإدارية.

وتناولت الجلسة الرئيسة الأولى للمؤتمر التي شارك فيها عدد من الباحثين الدوليين، وهم الدكتور حسين أمين أستاذ الصحافة والإعلام بالجامعة الأمريكية بالقاهرة والدكتور غسان مراد أستاذ اللسانيات الحاسوبية والإعلام بالجامعة اللبنانية، والدكتور هايرو لوجو أوكاندو عميد كلية الاتصال، جامعة الشارقة، والدكتور نور الدين الميلادي أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة السُّلطان قابوس.

واقتربت الجلسة مما قدمه الذكاء الاصطناعي في شأن النهوض ببرامج تعليم الصحافة والإعلام والتحديثات المصاحبة والمرتبطة بتعزيـز هذا الذكاء لعمليـة التعلـم والمخـاوف من الوظائف التي سيؤديها الـذكاء الاصطناعـي والاعتمـاد المفـرط علـى التكنولوجيـا علـى حسـاب تطويـر مهـارات التفكيـر النقـدي.

كما تناولت الندوة بدايات الذكاء الاصطناعي التي تعود إلى أكثر من عشرين سنة من خلال برمجيات المعالجة الآلية للغات الطبيعية، وما يقوم به هذا الذكاء من أعمال في مجال الإعلام كالترجمة والتنقيب عن الاقتباسات وتغطية أخبار البورصة العالمية، ومع الانتشار الذي تولد بعد تشات جي بي تي ضاعف من تأثير التطبيقات على الإعلام من كل جوانبه.

وتطرق المشاركون في الجلسة إلى الآمال والتوقعات الأولية للذكاء الاصطناعي التي عززت فكرة الثورة التقنية، وما يعزز ذلك مستقبلًا من خلال ظهور وظائف ذاتية جديدة تطبيقات الذكاء تعمل على إيجاد السرعة واختصار الوقت في النهوض بالخبر الصحفي.

وناقشت الجلسة آليات استثمار الذكاء الاصطناعي في الجانب الإعلامي بالإضافة إلى التعليم والاقتصاد والصحة، وما يجب على الحكومات في العالم من اتخاذ تدابير مبكرة للاستثمار في مثل هذه الإمكانات التقنية العالية.

تلا ذلك جلسات تناولت الأطر الفلسفية والمفاهيمية لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في الاتصال والإعلام والبحث الإعلامي والاتصالي في مجال الإعلام والذكاء الاصطناعي.

ويسعى المؤتمر من خلال دورته الحالية إلى إثراء الجهود البحثية ذات الصلة بواقع ومستقبل الإعلام والاتصال في ظل ثورة الذكاء الاصطناعي، وتحليل واقع ومستقبل الإعلام والاتصال وتحدياته من زوايا فلسفية، ومنهجية، وتطبيقية عملية.

ويعد المؤتمر منصة للباحثين والأكاديميين والمتخصّصين لمناقشة وتبادل المعارف والخبرات والتّجارب العربية والدولية ذات الصّلة باستخدامات الذّكاء الاصطناعي في حقل الاتّصال والإعلام، وما تفرزه هذه التّجارب من ظواهر إعلاميّة مختلفة. ويسعى المؤتمر إلى تسليط الضوء على تغيرات البيئة الإعلامية والاتصالية والمشتغلين فيها، والمهارات اللازمة لمواكبة التغيرات المستقبلية، والتحديات الأخلاقية والقانونية المرتبطة بتوظيف الذّكاء الاصطناعي في الإنتاج الإعلامي.

ويتناول المؤتمر عددًا من المحاور، أهمها الأطر الفلسفيّة والمفاهيميّة في استخدامات الذّكاء الاصطناعي في الاتّصال والإعلام، وتجارب تطبيق الذّكاء الاصطناعي في صناعات الاتصال والإعلام عربيّا ودوليا، وإشكاليات وتحديّات الاتصال والإعلام في ظل الذّكاء الاصطناعي، وبرامج التّعليم والتّدريب الإعلامي في حقل الاتّصال والإعلام في ظل تطبيقات الذّكاء الاصطناعي، ومستقبل الصّناعة الإعلامية في ظل ثورة الذّكاء الاصطناعي.

Source link