التخطي إلى المحتوى

قصة نجاح بطعم العسل بدأها شاهين البشر بتربية خمس خلايا من النحل في المنزل، بهدف إنتاج العسل لاستخدامه الشخصي والمنزلي، ليكبر هذا الشغف، ويتحول إلى مشروع يحمل اسم «عسل الشاهين»، حيث وصلت الطاقة القصوى لديه للإنتاج إلى ما يقارب 2000 خلية لإنتاج العسل والعديد من المنتجات الأخرى.

هذا الشغف بعالم النحل وتربيته واستخراج عسله، دفعه وأهَّله ليجني المركز الثاني في جائزة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان للتميز الزراعي، كأفضل منتج للعسل في دولة الإمارات، وغيرها من الجوائز.

رحلة إلى إيطاليا

عن نقطة العسل الأولى في عالم النحل، استهلّ شاهين البشر حديثه لـ«الإمارات اليوم»، فقال: «درست الهندسة الميكانيكية وأعمل في قطاع النفط، وكنت أعمل في قسم الهندسة والمشاريع، وهو قسم يتطلب السفر إلى العديد من الدول، وفي إحدى السفرات إلى إيطاليا، تعرفت إلى شاب مصري، ودار بيننا حديث عن النحل الذي رأيناه في إيطاليا، وبدأ شغفي بالبحث عن هذا النحل، واشتريت خمس خلايا للنحل، لإنتاج العسل في البيت»، وأضاف: «في البدء لم أكن أعرف كيف أتعامل مع خلايا النحل، ولكنني مع الوقت تعمقت في تفاصيل تربيته، إلى أن باتت لدي الدراية في التعاطي مع النحل، ووصلت الطاقة القصوى للإنتاج لدي 2000 خلية».

خطة إنتاج

وحول الانتقال من الهواية إلى تأسيس مشروع، لفت البشر إلى أنه بحكم عمله في شركات بترول، فهو معتاد على تصميم المشاريع، لذا لم يشكل العمل على المشروع تحدياً كبيراً بالنسبة له، فقد بدأ أولاً بالبحث والتعلم من خلال القراءة والممارسة، ووظف نحالين متمرسين، موضحاً أنه تعمد استخراج أفضل الإنتاج من كل خلية، مع وضع خطة لوجود خط إنتاج يتعدى حدود العسل.

وكشف أنه استخرج من خلية النحل 14 منتجاً، كما عمد لمبدأ إعادة التدوير في عملية الإنتاج، إذ أنتج الشموع من بقايا الشمع الذي عادة ما يتم التخلص منه.

ولأنه يهوى السفر والتعرف إلى ثقافات الشعوب، وجد شاهين البشر نفسه يتعرف إلى كثير من المنتجات المصنوعة من العسل، وقام بإنتاجها في المعمل الخاص به، كما يحرص على زيارة مناحل الدول التي يسافر إليها، ما جعله يدخل العديد من المنتجات الجديدة إلى الدولة.

ملكة نحل إماراتية

وحول تفاصيل تربية خلايا النحل، قال البشر: «تحمل الخلايا الموجودة في المزرعة أرقاماً، وفي كل خلية يكون هناك ملكة واحدة، والخلية بمجملها تحمل صفات الملكة، إذ إن الملكة تحمل إحدى الصفات الثلاث، فإما أن تكون جامعة للعسل، أو حاضنة، أو جامعة بين الاثنين، أو تميل إلى التطريد وغريزتها التكاثر، فتتعمد انتخاب ملكة ثانية وتطير». وأضاف: «عمل المصريون على تهجين النحل الكرينولي، بحيث يكون جامعاً لجميع الصفات باستثناء صفة التطريد، ليكون العسل أكثر إنتاجاً». ونوه بأنه جلب العديد من الخلايا من مصر، ولكن استدامة النحل المصري صعبة في الإمارات بسبب عوامل الطقس، مشيراً إلى أن هيئة أبوظبي للزراعة وعبر مشروع سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، أوصت بإنتاج سلالة نحل إماراتية، تكون ملائمة للطقس ومقاومة للأمراض وحاضنة وعاسلة، وتم العمل على إنتاج ملكة نحل إماراتية، والمشروع بدأ منذ ما يقارب 10 سنوات، ووصل النحل فيه إلى الجيل الـ12. وأكد البشر أن هذه الخلايا المحلية تتحمل الحرارة والبرودة، ويمكن من خلالها إنتاج العسل على مدار العام، مبيناً أنه يمتلك ملكات مهجنة (مصرية وعُمانية) وأخرى إماراتية. ورأى أن الاختلاف بين الملكات يكمن في الإنتاج، إذ إن المصرية هي الأكثر إنتاجاً للعسل، ولكن مقاومتها للأمراض ضعيفة، فيما الهجينة المصرية والعمانية تجميعها للعسل ممتاز، وتحملها للأمراض أفضل، ولكنها في الصيف ليست قوية، بينما الإماراتية حالياً هي الأفضل في البيئة.

الزهور والأمطار

أما التحديات المرتبطة بمشروع إنتاج العسل، فأفاد شاهين البشر بأنها كثيرة، ولكن أبرزها إنتاج العسل وتوافر الأشجار، مشدداً على أن النحال لابد أن يكون عالماً في مجال النبات، إذ إنه في وقت تزهير النبات لابد من تعطيشها من أجل إنتاج العسل، كما أن الأمطار الكثيرة تؤثر في إنتاج العسل، وتسبب خسارات مالية لمنتج العسل، ولذا فإن المنتج قد يربح وقد يخسر بحسب المواسم. وقال إن العسل الإماراتي يتم إنتاجه من نوع واحد من الزهور، وهذا ما يميزه عن عسل دول أخرى ينتج من زهور متعددة.

عسل الغاف

وتتباين أنواع العسل في الإمارات، ولكن أشهرها – بحسب البشر – هو السمر والسدر والغاف، فضلاً عن عسل أشجار القرم والطلح، إلى جانب وجود عسل من زهور ربيعية، على الرغم من أنها قليلة نوعاً ما. واعتبر أن ما يميز عسل الإمارات، أنها منتجة من زهرة أحادية وأشجار شوكية، وهذا ما يجعل مذاقه واحداً على مر السنين، كما أن عسل السمر لا يؤدي إلى رفع معدلات السكر بالدم. وشبه خلية النحل بالنخلة، فمن الممكن استخراج كثير من المنتجات، وقد أنتج من الخلية العسل وحبوب اللقاح وخبز النحل والعكبر والشمع المعاد تدويره، فضلاً عن العسل الأبيض من الغاف الإماراتي، ويتم تطعيمه بالفراولة والتوت لإنتاج بدائل المربى من دون سكر.

جوائز

حصد شاهين البشر العديد من الجوائز عن إنتاج «عسل الشاهين»، وفي عام 2017 شارك في أكبر مؤتمر للنحل والعسل في شمال أميركا، وحصل على المركز الثالث في أفضل عسل في شمال أميركا، وفي 2024 حصل على المركز الثاني في جائزة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان للتميز الزراعي، كأفضل منتج للعسل في دولة الإمارات، معتبراً أن هذه الجائزة مهمة وذات معايير عالية، وقد حصل على المركز الثاني بين 200 منتج للنحل، أن هذا الفوز «مسؤولية كبيرة من أجل تقديم ما هو أفضل».


عالم أنثوي

يرى شاهين البشر أن عالم النحل عالم أنثوي بحت، وأن دور الذكر في هذا العالم يقتصر على التلقيح، فالملكة هي التي تدير الخلية، كما أن النحل في الخلية تتعدد وظائفه بحسب العمر، فمن اليوم الأول إلى 10 أيام يكون دور النحل تنظيف الخلية، فهن وصيفات للملكة ويقمن بإطعامها وبالعديد من مهام الخدمة، فيما بعد 10 أيام تكون مهامهن الحراسة على باب الخلية وتعليم الطيران، فيما آخر 25 يوماً من عمر النحل، يبدأ النحل بالذهاب إلى الأشجار لأخذ الرحيق. أما عمر الملكة فيراوح بين سنتين وخمس سنوات، وقمة عطائها من سنة إلى سنة ونصف السنة، ويطير النحل لتجميع النحل بمسافة ثلاثة كيلومترات، بينما في أيام الشتاء تصل المسافة إلى أربعة كيلومترات.

. 5 خلايا من النحل للاستخدام المنزلي تطورت بفعل الشغف إلى 2000 خلية لإنتاج العسل ومنتجات أخرى.

. العسل الإماراتي ينتج من نوع واحد من الزهور، له مذاق واحد على مر السنين، ولا يرفع معدلات السكر بالدم.

. مشروع محلي أنتج سلالة نحل إماراتية ملائمة للطقس ومُقاوِمة للأمراض وتنتج العسل على مدار العام.

لمشاهدة الفيديو الرجا، يرجى الضغط على هذا الرابط